في مشهد اقتصادي مثير للاهتمام، يقترب العام الحالي من نهايته مع تسجيل المعدن النفيس أداءً استثنائياً، حيث حقق الذهب مكاسب تجاوزت ٣٠٪، مسجلاً بذلك أقوى أداء له منذ عام ٢٠١٠.
وفي ظل هذا الأداء اللافت، تشهد الساحة الاقتصادية العالمية تحولات جذرية تستحق التأمل والتحليل.
وفي تطور لافت يعكس عمق الأزمة الراهنة، شهدنا موجة غير مسبوقة من تخفيضات أسعار الفائدة من قبل البنوك المركزية حول العالم، حيث بلغ عدد التخفيضات ٦٢ مرة.
هذا الرقم يقترب بشكل مقلق من المستويات التي شهدناها خلال الأزمة المالية العالمية في ٢٠٠٨-٢٠٠٩، حيث وصل عدد التخفيضات آنذاك إلى ٧٦ مرة.
وفي سياق متصل، عادت الصين بقوة إلى سوق الذهب بعد فترة من التوقف، حيث قامت بتعزيز احتياطياتها بمقدار ٥ طن خلال شهر نوفمبر، مستفيدة من انخفاض الأسعار.
وفي خطوة مماثلة، خصص البنك المركزي الروسي مبلغاً ضخماً قدره ١.١٤ مليار دولار لتعزيز احتياطياته من الذهب خلال فترة قصيرة، بزيادة ٣٠٪ عن الشهر السابق.
ويتداول الذهب حالياً قرب مستوى ٢٦٧٥ دولاراً، في محاولته السابعة لاختراق هذا المستوى الحساس.
وبالرغم من قوة الدولار الأمريكي، إلا أن حصته من التداولات العالمية انخفضت إلى ٥٠٪ فقط، مما يشير إلى تراجع مكانته العالمية.
وفي تطور مثير للقلق، نجد أن بعض البنوك المركزية الغربية تتخذ إجراءات متطرفة. فقد باع البنك المركزي الكندي كامل احتياطياته من الذهب، مما أدى إلى تدهور قيمة الدولار الكندي.
كما أعلن بنك إنجلترا عن انخفاض مخزونه من الذهب بمقدار ٢٧ طن.
أما في سوق العمل الأمريكي، فتظهر البيانات تناقضات صارخة. ففي حين أضافت الولايات المتحدة ٢٢٧ ألف وظيفة في أكتوبر، كشف مسح الأسر عن خسارة ٣٥٥ ألف وظيفة في نوفمبر، مع فقدان ١١١ ألف وظيفة بدوام كامل و٢٦٨ ألف وظيفة بدوام جزئي.
كما ارتفع عدد العاطلين عن العمل لفترات طويلة إلى ١.٧ مليون شخص.
ويشهد النظام المالي العالمي تصدعات خطيرة تتجلى في عدة مؤشرات:
- مستويات الديون العالمية تسجل أرقاماً قياسية
- عودة موجة التضخم بقوة
- تسابق البنوك المركزية على تكوين احتياطيات الذهب
- تراجع الثقة في المؤسسات المالية
- تفاقم التفاوت في توزيع الثروات
- صراع محتدم على مكانة العملات العالمية
- تقييمات مبالغ فيها لأسواق الأسهم
وفي تطور مثير للجدل، ظهرت أنباء عن مقترح من مسؤول أمريكي كبير لبيع احتياطي الذهب الأمريكي واستبداله بالبيتكوين. لكن المثير للقلق أن المخزون الأمريكي من الذهب لم يخضع لمراجعة حقيقية منذ ٦٣ عاماً.
وفيما يتعلق بالتوقعات المستقبلية، فإن إغلاق العام عند مستويات ٢٨٠٠-٢٩٠٠ دولار قد يواجه تحديات بسبب قوة الدولار، لكن الهدف قصير المدى عند ٣٠٠٠ دولار يظل قائماً. وننتظر بيانات التضخم المرتقبة لتقييم الوضع.
ويجب التأكيد أن هذه التوقعات تعبر عن وجهة نظر شخصية قابلة للصواب والخطأ، ويُنصح دائماً بالاستشارة والاستخارة قبل اتخاذ أي قرار استثماري.