في مشهد إنساني يختصر معنى التضحية والفداء، شهدت مدينة ديروط بمحافظة أسيوط قصة بطولية لأم مصرية اختارت أن تمنح الحياة لطفليها على حساب نفسها، في حادث مأساوي هز وجدان كل من سمع به.
في تلك اللحظات العصيبة، حين بدأت المياه تغمر الميكروباص المحمل بالركاب، تجلت أسمى معاني الأمومة في مشهد لن ينساه أهالي ديروط.
وسط صرخات الاستغاثة وأصوات الفزع، كانت تلك الأم تصارع الزمن لإنقاذ فلذات كبدها من مصير محتوم.
لم تفكر الأم في نفسها للحظة واحدة، وبقوة استمدتها من قلبها المفعم بالحب، تغلبت على برودة المياه المتسللة وارتجافة يديها. في مشهد يحبس الأنفاس، فتحت نافذة الميكروباص، ورفعت طفلها الأول بكل ما أوتيت من قوة، لتدفع به نحو أيادي المنقذين المتجمعين حول الميكروباص الغارق.
ولم تكتف بذلك، بل كررت المشهد البطولي مع طفلها الثاني، وهي تصرخ بصوت تختلط فيه دموع الأمومة بنبرة الوداع: “خدوا العيال.. أنقذوهم!”. كانت نظراتها الأخيرة لطفليها تحمل رسالة صامتة، كأنها تودعهم وتقول لهم: “حياتكم أغلى من روحي”.
اليوم، يقف أهالي ديروط إجلالاً وإكباراً لتضحية هذه الأم البطلة، التي أصبحت قصتها رمزاً للتضحية والفداء. طفلاها، اللذان نجيا بفضل تضحيتها، هما الشاهدان الوحيدان على ملحمة أمومة خالدة، ستظل محفورة في ذاكرة المدينة.
وبين دموع الحزن وكلمات الإعجاب، يروي أهالي ديروط قصة “الست اللي وهبت روحها عشان ولادها”، لتصبح قصتها درساً في التضحية والعطاء، يتناقله الناس جيلاً بعد جيل. لم تكن مجرد حادثة عابرة، بل أصبحت قصة ملهمة تجسد أنبل المشاعر الإنسانية وأسمى معاني الأمومة.
اليوم، تقف ديروط شامخة بقصة هذه الأم البطلة، التي علمتنا أن الأمومة قوة خارقة، تدفع صاحبتها للتضحية بكل غالٍ ونفيس من أجل أبنائها.
وستظل ذكراها حية في قلوب أهل المدينة، يستلهمون منها معاني البطولة والفداء، ويروون قصتها للأجيال القادمة كنموذج للتضحية والعطاء اللامحدود.